Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

مختبر أبحاث الجيش يستخدم الذكاء الاصطناعي لهبوط الطائرات المسيّرة على الدبابات

يعمل فريق من العلماء الملتزمين في مختبر أبحاث الجيش الأمريكي (ARL) على تطوير خوارزميات حاسوبية متقدمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تهدف إلى دعم مفهوم “التعلّم الآلي” في الزمن الحقيقي بين الأنظمة المأهولة وغير المأهولة، بحيث يمكن للمدخلات البشرية أن تمكّن الطائرة المسيّرة المستقلة من “التعلم” أو “التكيف” مع سلوكيات محددة استجابةً لظروف طارئة.

تخيّل لو أنّ دبابات الجيش الأمريكي والمركبات المدرعة الأخرى، عند تعرضها لنيران كثيفة من العدو، تستطيع إطلاق طائرات مسيّرة مستقلة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتجاوز التلال والكشف عن قوات معادية إضافية سريعة التقدّم… والمساعدة في تدميرها؟ في حين أنّ الطائرات المسيّرة اليدوية موجودة بالفعل اليوم، إلا أنّ الفكرة هنا تقوم على إطلاق الطائرات بشكل ذاتي، والطيران والهبوط والتكيف أثناء الطيران مع المتغيرات الطارئة، لتتعلم بسرعة وتعيد التموضع بما يضمن نجاح المهمة.

هذا يمثل نقلة نوعية في التعلّم الآلي المدعوم بالذكاء الاصطناعي، والذي يتوقع علماء مختبر أبحاث الجيش أن يشكل مستقبل الحروب ومفاهيم العمليات العسكرية خلال 10 أو 20 أو حتى 30 عاماً مقبلة.

يرتكز المفهوم التجريبي على مبدأ “التبادلية”، أي قدرة الآلة على الاستجابة للمدخلات البشرية الحيوية ودمجها. ويمكن وصف هذه التجارب بأنها شكل من أشكال “التطور”، حيث أن فعالية الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تعتمد فقط على جودة قواعد بياناتها. وهنا يبرز التساؤل: كيف سيتعامل النظام إذا واجه معطيات ليست ضمن قاعدة بياناته؟ وهل يستطيع استيعاب وتحليل وتنظيم معلومات جديدة بسرعة ودقة؟

علماء ARL يحرزون تقدماً ملحوظاً في هذا “التطور” من خلال تدريب الطائرات المسيّرة والأنظمة المستقلة على التفاعل مع مدخلات بشرية ودمجها في الزمن الحقيقي.

قيادة مستقبل الجيش – DEVCOM Army Futures Command

قال الدكتور نيكولاس ويتوفيتش، الباحث في مجال التعلّم الآلي بمختبر أبحاث الجيش (DEVCOM)، في مقابلة مع Warrior:

“هدفنا النهائي هو تطوير ذكاء اصطناعي قوي يمكن استخدامه ميدانياً من دون أن يتعطل عند مواجهة مواقف جديدة. نأمل أن نستخدم هذه التكنولوجيا لتعزيز كيفية استخدام الجنود لها وجعلها قادرة على التكيف مع احتياجاتهم.”

قدّم ويتوفيتش عرضاً مصوراً متقدماً يُظهر طائرة مسيّرة تهبط بشكل مستقل على دبابة، وتتعلم سلوكيات جديدة وتستجيب لمتطلبات مهمة متغيرة. من خلال واجهة الإنسان-الآلة، يمكن للطائرة المسيّرة إجراء تعديلات حرجة في لحظات حساسة وتعلم معلومات جديدة على الفور.

وأوضح:

“يمكنني السيطرة على الطائرة والتحكم بها… لكن عندما لا أكون متحكماً بها، يكون الذكاء الاصطناعي هو المسيطر. أبدأ بتقديم عروض توضيحية، لكن يمكنني لاحقاً ترك الذكاء الاصطناعي يقودها. وإذا لم يتعلم بشكل كامل وبدأ بالانحراف، أستطيع التدخل وتصحيح المسار.”

في العرض، أظهرت الطائرة قدرتها على الهبوط بشكل مستقل على دبابة، مع تلقيها تعليمات ومدخلات بشرية حاسمة خلال الرحلة. الفكرة ليست مجرد تنفيذ أوامر بشرية، بل دمج هذه المدخلات في قاعدة بياناتها بحيث تصبح السلوكيات والمهام مألوفة لديها.

على سبيل المثال، قد يتلقى الدرون أوامر من جندي حول صور تلتقطها كاميراته، فيتعلم على الفور كلاً من المهمة والصور نفسها، ويخزنها في مكتبته الخاصة ليتمكن لاحقاً من تنفيذ المهمة ذاتياً.

قال ويتوفيتش:

“لدينا أدوات تتيح للبشر والذكاء الاصطناعي العمل معاً.”

الحروب المستقبلية والذكاء الاصطناعي

من المرجح أن تتضمن الحروب المقبلة مزيجاً معقداً وخطيراً من الأسلحة البرية والبحرية والجوية والفضائية والسيبرانية، مع تكتيكات وأساليب هجوم قد تربك حتى أكثر القادة العسكريين خبرة. ولهذا السبب يسعى المطوّرون العسكريون إلى تسريع تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ليكون قادراً على جمع وتحليل ونقل كمّ هائل من البيانات في الزمن الحقيقي إلى صانعي القرار.

الخوارزميات المتقدمة يمكنها مقارنة البيانات القادمة من أجهزة الاستشعار بسلاسة مع قواعد بيانات ضخمة، وحل المشكلات واتخاذ قرارات حرجة في الوقت المناسب. بينما تبقى هناك خصائص إنسانية لا يمكن محاكاتها بالكامل مثل الحدس والتفكير العاطفي. لذلك يسعى البنتاغون إلى نهج متكامل يجمع بين القدرات البشرية والخوارزميات المتقدمة.

التعلّم غير المراقَب

يطلق علماء ARL على الطائرات المسيّرة التي لا تملك بيانات موسومة اسم “التعلم غير المراقب”، حيث لا تستطيع معرفة أو وضع سياق لما تراه. البيانات تحتاج أن تكون “موسومة” أو “محددة” كي تندمج بسرعة في قاعدة بياناتها وتُستخدم كمرجع.

يقول ويتوفيتش:

“إذا أردت أن يتعلم الذكاء الاصطناعي التمييز بين القطط والكلاب، عليك أن تعرض عليه صوراً، لكن عليك أيضاً أن تخبره أي الصور هي قطط وأيها كلاب.”

الذكاء الاصطناعي والدماغ البشري

يشير علماء مختبر الجيش إلى أن قدرات الذكاء الاصطناعي وحدوده ما تزال في بدايتها، ومن المتوقع أن تحقق تقدماً غير متوقع خلال السنوات القادمة. البنية الأساسية لطريقة عمل الذكاء الاصطناعي تشبه إلى حد كبير آليات معالجة الإشارات في الجهاز العصبي للكائنات الثديية.

فهل يمكن أن يميز الذكاء الاصطناعي بين “كرة رقص” و”كرة قدم” في جملة ما من خلال السياق؟ هذا هو بالضبط نوع المهام التي يجري تطوير الذكاء الاصطناعي لتنفيذها.

يقول ويتوفيتش:

“إذا كان لديك ملايين البيانات، ستحتاج إلى جهد هائل لوضع العلامات عليها. لذلك نحاول اعتماد نهج يقلل من حجم البيانات المطلوبة، بالتركيز على جعل الذكاء الاصطناعي يتعلم المهام أثناء التفاعل معنا بشكل مباشر.”

نحو جيل جديد من الحرب الذكية

يرى الباحثون والمطورون أن الآلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي قد تتعلم فهم وتحليل عناصر أكثر ذاتية مثل: الشخصية، المزاج، التفكير، الخطاب، والقدرة على التقدير. ورغم صعوبة تقليد هذا المزيج الإنساني، إلا أن الذكاء الاصطناعي قد يقترب من محاكاته عبر تحليل أنماط الكلام والسلوك والتاريخ.

في النهاية، الهدف هو تطوير أنظمة مستقلة قادرة على التكيف السريع مع الظروف الطارئة في ميدان المعركة بدقة عالية، لتخفيف العبء عن الجنود ومنحهم تفوقاً تكتيكياً في الحروب المستقبلية.

المصدر: Warrior Maven

What's your reaction?

Related Posts

نحو تحول جذري في الاستخبارات العسكرية

© 2025 AIDI. Theme by Aidefense Institute.