Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

الذكاء الاصطناعي الحافيّ: نحو استثمار أفضل للتقنيات الذكية في ساحة الحروب

تستخدم وزارة الدفاع في الغالب الذكاء الاصطناعي للكشف عن الأهداف في ساحة المعركة، لكن هذه القدرة كانت تقتصر في كثير من الأحيان على التعرف على الأشياء. إلا أن التطورات الحديثة في الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات يمكن أن ترفع القادة إلى مستويات جديدة من الوعي بالمهمة من خلال توفير نظرة ثاقبة لنوايا الخصم، ومسارات الحركة المتوقعة، والكشف عن الحالات الشاذة والسمات التفسيرية الأخرى.

فلدى وزارة الدفاع كميات هائلة من البيانات. في مناطق الحرب المليئة بأجهزة الاستشعار اليوم، يستطيع القادة الوصول إلى النصوص والصور والفيديو وإشارات الراديو وبيانات الاستشعار من مجموعة متنوعة من المصادر. ومع ذلك، عادة ما يتم تحليل كل نوع من البيانات بشكل منفصل، مما يترك المحللين مضطرين إلى ربط المعلومات فيما بينها وربما فقدان بعض الروابط المهمة.

يمكن لتقنيات تحليل بيانات الوسائط المتعددة باستخدام إطار عمل الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات المختلفة في وقت واحد، مما يوفر لصناع القرار رؤية شاملة للأحداث. ولتوضيح عمل هذه الأنظمة على سبيل المثال، قد يحدد النظام البحري سفينة قريبة، لكن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكنه تحديد بلد المنشأ وفئة السفينة وما إذا كان النظام قد تعامل مع هذه السفينة من قبل. فبعد تحديد الهدف المشتبه به يمكن لتقنيات دمج البيانات والخوارزميات القائمة على التعلم الآلي مراجعة كافة البيانات المتاحة للحصول على معلومات تكميلية..

وبالعودة لمثال السفينة فقد تُشير إشارات الراديو أن السفينة توقفت عن الارسال وأن الطاقم لا يستخدمون هواتفهم المحمولة، مما يخلق تساؤلات هل تستعد السفينة للبدء بالقتال أم أن هناك حالة طارئة؟ وللحصول على الإجابات يساعد التحقق من التقارير الأخيرة في تحديد ما يجب فعله بعد ذلك.

ولا يمكن تحقيق هذا الوعي الآني المتقدم إلا من خلال إجراء التحليلات في الوقت الفعلي باستخدام الأجهزة الموجودة عند أو بالقرب من مصدر توليد البيانات، بدلاً من ارسال البيانات الى السحابة المركزية للمعالجة. والتي تسمى بأجهزة الذكاء الاصطناعي المحلي أو الاجهزة الحافيّة.

تتم معالجة البيانات في هذا الجهاز في غضون مللي ثانية مما يوفر ملاحظات في الوقت الفعلي مع أو بدون اتصال بالإنترنت لأن خوارزميات الذكاء الاصطناعي يمكنها معالجة البيانات بالقرب من موقع الجهاز.

يعد الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي الحافيّة أمراً بالغ الأهمية للتوعية بساحة المعركة، والأمن السيبراني وتطبيقات مراقبة الرعاية الصحية للأفراد التي تتطلب استجابة فورية. وبهدف الاستعداد يجب على وزارة الدفاع اعتماد حلول تتمتع بقدرات حوسبة متطورة قوية، وإيجاد طرق لتوسيع نطاق نماذج الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، ومعالجة التهديدات الأمنية الجديدة.

ومعظم أدوات ونماذج الذكاء الاصطناعي الجديدة مفتوحة المصدر، مما يعني أن المعلومات التي يتم إدخالها في هذه التقنيات تكون متاحة للجمهور. لذلك، يتعين على الوكالات تنفيذ تدابير أمنية متقدمة وبروتوكولات لضمان بقاء هذه البيانات الحساسة آمنة.

مزايا الذكاء الاصطناعي المحلي (التقنية الحافيّة):

تقوم الأجهزة التقليدية بجمع المعلومات وإرسال البيانات إلى مراكز القيادة لتحليلها. إلا أن قدرتها المحدودة على الحوسبة والمعالجة ستؤدي إلى إبطاء عملية اتخاذ القرار في ساحة المعركة. لكن يمكن حل هذه المشكلة من خلال استخدام الأجهزة الموجودة بالقرب من مركز البيانات أو كما يتم تسميتها أجهزة الذكاء الاصطناعي الحافيّة، من خلال معالجة البيانات بالقرب من مصدرها فهي بذلك تعمل على تقليل التأخير الذي يحدث عندما يتعين على البيانات الانتقال من وإلى خادم سحابي. وهذا أمر بالغ الأهمية للتطبيقات التي تتطلب ردود فعل فورية.

إلا أن الذكاء الاصطناعي المحلي أو على الحافة يتطلب مُعدّات تمتلك قوة حاسوبية كافية للخوارزميات. ويجب أن تكون أجهزة الاستشعار قادرة على العمل بشكل مستقل لأداء الحوسبة، والتحليل، والتدريب، والاستنتاج في الميدان. سواء في ساحة المعركة أو في المستشفى. إذ يعمل الذكاء الاصطناعي الحافيّ على التدرب بواسطة بيانات لأحداث سابقة بهدف تحسين التنبؤ والحصول على نتائج دقيقة.

 فعلى سبيل المثال قد تتمكن أجهزة الاستشعار من اكتشاف أعراض النوبة القلبية قبل حدوثها.. والاتصال بالانترنت ضروري ولكن يجب أن تستطيع هذه الأنظمة العمل في بيئات اتصال متقطعة أو غير متوفرة، لذلك يمكن استخدام شبكات G5 أو قنوات أخرى والتي ستسمح لأجهزة الاستشعار بالتواصل عند الانفصال عن مركز السحابة.

تقليل الحجم والطاقة.. أمن البيانات في عالم متصل:

استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي في البيئة العسكرية ليس مثالي. إذ تعمل هذه النماذج في مراكز بيانات على الآلاف من خوادم المعالجة المستندة إلى السحابة. والتي تستهلك كميات هائلة من الطاقة لتدريبها على مجموعات من البيانات الضخمة. هذا التسلسل في مسيرة تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي سيخلق تحديات جديدة فيما يتعلق بالحجم والوزن والطاقة، فيما يخص البيئة العسكرية.

لذلك يأتي دور نماذج الذكاء الاصطناعي الحافيّ ليحل هذه المشكلة من خلال تقليل الحاجة إلى موارد سحابية مكثفة وتقليل استخدام النطاق الترددي، إذ يستهلك تشغيل خوارزميات الذكاء الاصطناعي على الأجهزة الحافيّة طاقة أقل مقارنة بالمعالجة المستندة إلى السحابة. حيث يعمل الباحثون على تجارب متعددة لتوليد نماذج صغيرة الحجم. لكن التصغيرقد يؤدي إلى مخاطر منها أن يفقد النموذج الذي تم تدريبه القدرة على إعادة ما تم تدريبه عليه بسبب تقنيات الضغط أو قد يقوم بتوليد معلومات غير موثوقة بسبب تدريب نماذج صغيرة تم توليدها من نماذج أكبر.

 من ناحية أخرى، يمكن للأعداء إدخال بيانات خاطئة أو مصطنعة في هجوم مزيف لتشويه نموذج الذكاء الاصطناعي ومخرجاته. كما يمكن أن تؤدي عمليات حقن التعليمات إلى جعل النموذج يتجاهل تعليماته الأصلية، أو يكشف عن بيانات حساسة، أو ينفذ تعليمات برمجية ضارة. ولتجنب تلك التهديدات يمكن الاعتماد على أنظمة الذكاء الاصطناعي الحافيّ، التي تعمل على تعزيز الخصوصية من خلال احتواء البيانات محلياً، وتحميل التحليلات والرؤى فقط إلى السحابة. وحتى إذا تم تحميل بعض البيانات لأغراض التدريب، فيمكن إخفاء هويتها لحماية هويات المستخدمين. 

ففي نظام الذكاء الاصطناعي المحلي يمكن تحويل البيانات بسرعة إلى معلومات استخباراتية قابلة للتنفيذ، مما يعزز قدرة الإنسان على اتخاذ القرار استناداً إلى معلومات في الوقت الفعلي ويوفر ميزة استراتيجية.

المصدر: c4isrnet

What's your reaction?

Leave a comment

Related Posts

نحو تحول جذري في الاستخبارات العسكرية

© 2025 AIDI. Theme by Aidefense Institute.